التعاونيات المصرية
بوابة التعاونيات المصرية

عبد الله ربيع يكتب .. رؤية تحليلية للحرب الإيرانية الإسرائيلية

-

اندلعت الحرب بين إيران وإسرائيل بعد سنوات من التوترات المتصاعدة، والضربات غير المعلنة، والاشتباكات بالوكالة في ساحات مثل سوريا ولبنان واليمن.. ومع تصعيد غير مسبوق، انتقلت المواجهة إلى حرب مفتوحة، وهو ما يثير تساؤلات عميقة حول تداعيات هذا الصراع على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
أولاً: التداعيات العسكرية والأمنية ....
1. أن توسيع رقعة الاشتباك الإقليمي أدى لاندلاع الحرب بين أطراف إقليمية موالية لكل من الطرفين.. فحزب الله اللبناني دخل خط المواجهة بقوة، فيما تحاول بعض الفصائل في العراق وسوريا واليمن فتح جبهات موازية لدعم إيران.. في المقابل، دفعت إسرائيل بحملات جوية وصاروخية ضخمة وصلت إلى عمق الأراضي الإيرانية.
2. تهديد الملاحة وأمن الخليج:
استهدفت إيران ممرات بحرية استراتيجية كرد فعل على الغارات الإسرائيلية، مما رفع مستوي التوتر في مضيق هرمز وبحر العرب، وأدى إلى تهديد مباشر لصادرات النفط العالمية.
3. ضعف قبضة الدولة في مناطق الاشتباك:
الصراع المفتوح تسبب في تآكل سيطرة الدولة المركزية في عدة مناطق (مثل جنوب لبنان، وغرب العراق)، مما خلق بيئة خصبة لانتشار الجماعات المسلحة غير النظامية.
ثانيًا: التداعيات السياسية والدبلوماسية ..
1. تحول في مواقف القوى الدولية:
وجدت الولايات المتحدة نفسها في موقف معقد بين دعم إسرائيل واحتواء التصعيد في حين اتجهت روسيا والصين للضغط من أجل التهدئة، مع إبقاء علاقاتهما مع إيران لحماية مصالحهما في الشرق الأوسط.
2. تصاعد الاستقطاب داخل المنطقة العربية ...
بعض الدول الخليجية (مثل السعودية والإمارات) التزمت الحذر، فيما اتخذت دول أخرى مواقف مغايرة مما عمّق الانقسام الإقليمي.
3. ضعف مكانة المنظمات الدولية ...
أثبت الصراع ضعف تأثير الأمم المتحدة ومجلس الأمن حيث أخفقا في فرض وقف فوري لإطلاق النار، مما زاد من تساؤلات الشعوب حول فاعلية النظام الدولي القائم.
ثالثًا: التداعيات الاقتصادية ...
1. ارتفاع أسعار الطاقة عالميًا..
أدى الصراع إلى تعطيل جزئي في صادرات النفط الإيرانية وتهديد المنشآت في الخليج، ما ساهم في رفع أسعار النفط والغاز عالميًا، وخلق موجات تضخم جديدة.
2. نزيف اقتصادي للطرفين ..
تكبّدت إيران وإسرائيل خسائر فادحة في البنية التحتية، والصناعات الدفاعية، وأُنهكت الميزانيات العامة نتيجة الإنفاق العسكري الهائل.
3. تأثيرات مباشرة على دول الجوار ..
الدول المجاورة، مثل الأردن ولبنان والعراق، تأثرت اقتصاديًا بسبب النزوح، وضرب سلاسل الإمداد، وتوقف الاستثمارات الأجنبية.
رابعًا: التداعيات الإنسانية والاجتماعية ...
1. أزمة لاجئين ومهجرين ...
نتج عن الحرب موجات نزوح داخلي وخارجي، خاصة من جنوب لبنان وغرب إيران، مما زاد من الضغوط على الدول المستقبِلة، وأعاد للأذهان مشاهد الحروب السورية واليمنية.
2. تفاقم الكراهية الطائفية ...
أدى الصراع إلى ارتفاع حاد في الخطاب الطائفي والمذهبي، ما أعاد إشعال التوترات بين السنة والشيعة في عدة دول عربية، خاصة العراق ولبنان والبحرين.
3. تدهور الأوضاع الإنسانية ...
حيث أدى انهيار الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصحة في مناطق الاشتباك، أدى إلى كارثة إنسانية حادة تستدعي تدخلاً عاجلاً من المنظمات الدولية .
خامسًا: السيناريوهات المستقبلية ...
1. سيناريو التهدئة بضغوط دولية ... قد تقود ضغوط الولايات المتحدة والصين وروسيا إلى فرض وقف إطلاق نار مؤقت تمهيدًا لمفاوضات غير مباشرة، وهو السيناريو الأكثر ترجيحًا على المدى القريب.
2. استمرار الحرب بالوكالة بعد التهدئة حتى بعد وقف القتال المباشر، ستستمر المواجهة في سوريا واليمن ولبنان والعراق، مع تكثيف استخدام الطائرات المسيرة والضربات السيبرانية.
3. احتمال الانزلاق لحرب أوسع في حال استهداف منشآت نووية أو قتل قيادات رفيعة، قد تتصاعد الحرب لتشمل تدخلات إقليمية أوسع، بما فيها دخول قوى مثل تركيا أو باكستان أو مصر، كلٌ حسب مصالحه.
وأخيرا ...
فإن الحرب الإيرانية الإسرائيلية ليست مجرد نزاع ثنائي، بل تمثل نقطة تحول في مستقبل الشرق الأوسط. وإذا لم تتمكن القوى الدولية من احتواء هذا الصراع، فإن المنطقة بأسرها ستدخل في مرحلة غير مسبوقة من الانفجار السياسي والاقتصادي والإنساني.. إن التهدئة ممكنة، ولكنها مشروطة بصفقة شاملة تُعيد النظر في توازن القوى والتحالفات، وتفتح الباب أمام تسويات حقيقية طويلة الأمد.