من طرقات ميامي بأمريكا إلى التعاونيات العربية: تجربة زراعية ملهمة

بين أشجار النخيل الممتدة على جانبي الطريق، وعلى بعد مسافة قصيرة من صخب مدينة ميامي، يقودنا المسار نحو فضاء مختلف تمامًا.. هنا، لا تهيمن ناطحات السحاب ولا أبراج الزجاج، بل تُطلّ مساحات خضراء مترامية، يختلط فيها عبق الأرض بنبض المجتمع. كلما اقتربنا، ظهرت لوحات كتب عليها Verde Community Farm & Market إيذانًا بدخول عالمٍ فريد، حيث تتحول الزراعة من نشاط فردي إلى تجربة جماعية نابضة بالحياة.
الربط مع المتعاونين:
إلى كل التعاونيين والتعاونيات في مصر والعالم العربي، نحن هنا اليوم لننقل لكم تجربة من قلب أمريكا.. تجربة تثبت أن التعاونيات ليست مجرد إطار تنظيمي، بل قوة اقتصادية واجتماعية تُغيّر حياة الناس وتُرسّخ العدالة بين فئات المجتمع.
المحور الأول :المزرعة التعاونية:
“فيردي” ليست مزرعة تقليدية، بل فضاء تعاوني متكامل على مساحة 22 فدانًا.. هنا، تُزرع الخضر والفواكه العضوية وتُعرض مباشرة في سوق داخلي مفتوح أمام العموم.. ما يميزها أكثر هو وجود مطبخ تجاري جماعي يتيح للمنتجين الصغار وأصحاب العلامات المنزلية تحويل منتجاتهم، تغليفها بشكل قانوني، وبيعها في السوق نفسه.. إنها سلسلة متكاملة من الإنتاج إلى التسويق، في إطار مجتمعي يضمن الاستفادة للجميع.
المحور الثاني: السوق المجتمعي الحضري:
في قلب ميامي أيضًا، يقام مشروع Urban Oasis Project،وهو شبكة أسواق حضرية أسبوعية تجمع أكثر من 30 مزرعة محلية في مكان واحد. هنا، يحصل المستهلك على فرصة شراء منتجات طازجة بأسعار عادلة، بينما يضمن المزارع الصغير منفذًا ثابتًا لتسويق منتجاته. والأجمل أن المشروع يُضاعف قيمة بطاقات الدعم الغذائي (SNAP)، ما يجعل الخضر والفواكه في متناول الأسر محدودة الدخل.. إنها تجربة تمزج بين العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية.
المحور الثالث: دروس للتعاونيات العربية:
ما الذي يمكن أن تستفيده التعاونيات في مصر والعالم العربي من هذه التجربة؟
1. البنية المشتركة:السوق والمطبخ الجماعي عنصران أساسيان لدعم التعاونيات وتعزيز استدامتها.
2. العدالة في الوصول:ربط الدعم الاجتماعي بمنتجات التعاونيات يوسع قاعدة الزبائن ويعزز التكافل.
3. العمل الجماعي:تجميع منتجات عشرات المزارع في سوق واحد يرفع من القوة التفاوضية والجاذبية التجارية.
مخاطبة مباشرة:
أيها التعاونيون والتعاونيات في وطننا العربي، هذه التجربة القادمة من ميامي تحمل رسالة واضحة: التعاونيات ليست مجرد حدود جغرافية، إنها حركة عالمية.. ومن هنا، من قلب أمريكا، نهديكم صورة حية من المستقبل؛ مستقبل تصبح فيه التعاونية قوة إنتاجية، اجتماعية، وتسويقية لا يُستهان بها..أنتم جزء من هذا العالم، وأنتم قادرون على بناء تجارب لا تقل إلهاما ونجاحا.


